نود أن نحيطك علماً عزيزي القارئ و قبل الخوض في تفاصيل المقال، بأن الأسهم تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية وهي الأسهم النقية الحلال و الأسهم الحرام التي تحتوي على مخالفات شرعية، و الأسهم المختلطة وهي التي تجمع بين نسبة من الحلال والحرام و هنا يتوجب على المتداولين الذين يستثمرون في الأسهم المختلطة، بعد تحقيق الأرباح، القيام بتطهيرها، أي إخراج نسبة الحرام من السهم. لذلك، في هذا المقال، سنستعرض مفهوم الأسهم المختلطة، ونتناول بالتفصيل ما يعنيه تطهيرها وكيفية القيام بذلك.
ماذا يقصد بتطهير الاسهم؟
قبل أن نتناول مفهوم تطهير الأسهم، دعونا أولا نقسم الأسهم إلى ثلاثة أنواع وفقا لما ذكره العلماء:
- الأسهم الحلال النقية.
- الأسهم المحرمة.
- الأسهم المختلطة.
الأسهم الحلال النقية هي تلك التي تخلو تمامًا من أي شبهة محرمة سواء من حيث المعاملات الربوية أو الأنشطة المحرمة حيث الشركات التي تتعامل في هذه الأسهم لا تعمل في مجالات مثل تجارة لحم الخنزير، القمار، أو الخمور.
أما الأسهم المحرمة فهي التي يتوافر فيها شرطان وهما أن تكون أنشطتها تقتصر على المحرمات، مثل الأنشطة المذكورة سابقًا، أو أن تكون معاملاتها المالية ربوبه، كإيداع أموال العملاء في بنوك ربوية أو التعاملات الربوية.
بينما الأسهم المختلطة تجمع بين الحلال والحرام؛ حيث يمكن أن يكون نشاط الشركة حلالًا ولكن معاملاتها المالية ربوبة، أو أن يكون نشاطها محرمًا ولكن معاملات مالية حلال.
وهنا يأتي دور المستثمر، الذي قد يجد نفسه أمام أسهم مختلطة ويرغب في تطهيرها. بمعنى آخر، يريد إخراج النسبة المحرمة من أسهمه المختلطة لتصبح حلالًا بالكامل و هذا هو مفهوم “تطهير الأسهم”، والذي يتضمن حساب الأرباح وإخراج النسبة المحرمة منها، سواء عبر إخراجها نقدًا أو عن طريق التنازل عن عدد من الأسهم المحرمة. و سنستعرض كيفية القيام بذلك بالتفصيل في الفقرات التالية، لذا تابع معنا.
التطهير المالي للأسهم المتوافقة مع الشريعة
الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية هي الأسهم النقية الحلال التي لا يشوبها أي شبهات من الحرام، سواء في نشاطها أو في معاملاتها المالية. و تكون هذه الأسهم جزءا من شركات تعمل في مجالات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مثل التجارة في التكنولوجيا و أجهزة الكمبيوتر و السيارات، وغيرها من الأنشطة المباحة. كما أن هذه الشركات لا تتعامل بالربا، سواء من خلال الاقتراض أو إيداع الأموال في بنوك ربوية.
لكن، قد يحدث أن تتعرض بعض الشركات التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية لمعاملات قد يشوبها شيء من الحرام، مما يستدعي تطهير الأسهم الخاصة بها كأن تتحصل على قرض ربوي. ورغم أن هذه الشركات تلتزم بالقيم الإسلامية السامية، إلا أن بعض الأموال التي تمتلكها قد تكون تأثرت بنسبة من الحرام، كما يحدث عندما تقوم الشركة بإيداع أموال العملاء في بنوك ربوية أو أخذ قروض ربوية. في هذه الحالة، تتعرض الشركة لتلوث مالي، على الرغم من توافقها الأساسي مع الشريعة.
ومع ذلك، يكون على عاتق الشركة ومجلس إدارتها مسؤولية تصحيح هذا الوضع، بينما المستثمر الذي اشترى الأسهم على أساس أنها حلال يجب عليه تطهير الأسهم عند بيعها وذلك بنسبة الحرام التي دخلت فيها، و عملية التطهير هذه تختلف من سهم لآخر، وتعتمد على الكمية التي يمتلكها المستثمر. سنتناول في الفقرة التالية كيفية حساب نسبة الحرام وكيفية تطهير الأسهم بشكل مفصل.
كيفية حساب تطهير الأسهم – مع مثال؟
عزيزي القارئ، بعد أن قمنا بتوضيح مفهوم تطهير الأسهم وناقشنا أنواع الأسهم ، دعونا الآن نتعرف على كيفية حساب تطهير الأسهم مع مثال توضيحي لإيصال المعلومة بشكل واضح.
كما ذكرنا سابقًا، يتم التطهير في الأسهم المختلطة التي تحتوي على نسب من الحلال والحرام معا و يُجرى التطهير عبر التخلص من نسبة الحرام المتحققة من أرباح الأسهم، سواء كانت تلك الأرباح ناتجة عن البيع والشراء أو من توزيعات الأرباح سواء كانت سنوية او نصف سنوية أو ربع سنوية. و تختلف نسبة التطهير من سهم لآخر حسب كمية الأسهم ونوعها.
ونعرض رأي للشيخ القره داغي الذي يؤكد على ضرورة التخلص من نسبة الحرام الموجودة في الأرباح الناتجة عن التداول أو المضاربات. هذا يعني أن على المستثمر التخلص من حصة الحرام في الأرباح أو الأسهم نفسها، والتي قد تكون نتيجة نشاط الشركة المحرم، مثل المعاملات الربوية أو التعامل في سلع محرمة.
مثال على التطهير المالي للأسهم
لنفترض أن هناك شخصا ورث من والده أسهما في بنك ربوي. الوالد كان قد اشترى 1,000 سهم واستثمرها لمدة 10 سنوات، مما أدى إلى زيادة عدد الأسهم إلى 10,000 سهم. في هذه الحالة، يجب على الشخص التخلص من نسبة الحرام التي تراكمت من أرباح تلك الأسهم، لأن تلك الأرباح جاءت من أعمال ربوية.
وللتوضيح، إذا كانت تكلفة شراء الـ1,000 سهم في البداية 1,000 دولار أمريكي، وارتفعت قيمة الأسهم بعد 10 سنوات إلى 10,000 دولار أمريكي، فإن الأرباح المحققة بلغت 9,000 دولار أمريكي اي 9 دولارات في كل سهم. فإذا كان الحرام في هذه الأرباح يعادل 2 دولار أمريكي لكل سهم، فيجب على المستثمر إخراج 2,000 دولار أمريكي وهو حاصل 2 دولار × 1,000 سهم للتطهير، ويمكن صرف هذا المبلغ في مصارف الصدقات أو أي عمل خيري. و بالتالي، يمكن تلخيص معادلة التطهير بطريقة بسيطة تتمثل في حجم الربح × نسبة الحرام في الأسهم يساوي مقدار التطهير.
أفضل شركات التداول الاسلامية المرخصة
لضمان التداول في أسهم حلال نقية، يتوفر العديد من شركات التداول الإسلامية المرخصة والموثوقة التي تقدم خدمات متوافقة مع الشريعة الإسلامية. و تنوع هذه الشركات قد يجعل من الصعب على المستثمر أو المتداول اختيار الأنسب منها، مما يسبب بعض الحيرة. لذلك، قمنا بإعداد قائمة تضم بعضًا من أفضل شركات التداول الإسلامية المرخصة، التي تتيح لك التداول والاستثمار في أسهم نقية وحلال. إليك هذه القائمة:
كيفية تداول الأسهم الحلال؟
يمكنك تداول الأسهم النقية الحلال من خلال أفضل شركات التداول الإسلامية المرخصة التي عرضناها في القائمة السابقة حيث يتعين على المتداول اختيار شركة موثوقة، مرخصة، وذات سمعة طيبة في السوق، لتداول الأسهم الحلال النقية التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية حيث هذه الشركات تلتزم بعدم مخالفة الشرطين الأساسيين لجعل الأسهم حلالا ونقية، والذين سنوضحهم في حكم التداول على الأسهم بالتفصيل.
بعد اختيار الشركة أو الوسيط المالي الذي يوفر الأسهم الحلال النقية، يمكنك إيداع المبلغ الذي ترغب في التداول به في حسابك لدى الوسيط. بعد ذلك، يمكنك الدخول إلى منصة التداول التي يوفرها الوسيط وتحديد كمية الأسهم التي ترغب في شرائها أو التداول عليها. يتم ذلك عن طريق إعطاء أمر الشراء عبر المنصة، سواء كان الشراء الفوري بسعر السوق أو الشراء عند سعر معين، ثم الضغط على “تنفيذ”. يقوم الوسيط بتنفيذ هذا الأمر نيابة عنك، وعملية الشراء تتم تلقائيًا. و في أي وقت ترغب في بيع هذه الأسهم، يمكنك تحديد الأسهم أو جزء منها وبيعها عند السعر الذي تريده أو تحديد نقطة بيع معينة، حيث يقوم الوسيط بتنفيذ عملية البيع عند الوصول إلى هذا السعر.
هذا هو كيفية تداول الأسهم الحلال عبر الوسيط المالي حيث من المهم أن تختار أسهمًا حلالًا لضمان تداولك في أسهم تتوافق مع الشريعة الإسلامية. لتكون الأسهم حلالًا، يجب أن تحقق الشرطين الأساسيين وهما:
1. أن لا تكون الشركة تعمل أو تتعامل في معاملات ربوية.
2. أن يكون نشاطها غير محرم أو مخالف للقيم الإسلامية، مثل الخمور أو لحوم الخنزير.
و من أمثلة الأسهم الحلال النقية أسهم شركة تسلا التي تعمل في صناعة السيارات، وأسهم شركة مايكروسوفت التي تعمل في مجال التكنولوجيا، وغيرها من الشركات التي تلتزم بالنشاطات المباحة.
كيف يصرف مال التطهير؟
بعد أن تعرفنا على مفهوم تطهير الأسهم وكيفية القيام بذلك، دعنا الآن، عزيزي القارئ، نتناول موضوع صرف مال التطهير. وقد أوضح الأستاذ الدكتور الشيخ عبد العزيز بن فوزان الفوزان، في لقاء تلفزيوني، أن أوجه صرف مال تطهير الأسهم الناتجة عن مكاسب محرمة أو مشتبه بها يمكن توجيهها إلى جميع وجوه البر والخير. وهذا هو الرأي الراجح لدى العلماء. ويجب على المستثمر الذي يرغب في التطهير أن يختار أوجه البر والخير التي تكون أكثرها نفعًا وأشدها حاجة. وإذا كان هناك أقرباء بحاجة، فهم أولى من غيرهم. ومن أوجه البر والخير العديدة التصدق على المحتاجين، أو سداد دين أحد الغارمين، وغيرها من الأعمال الصالحة.
حكم التعامل بالأسهم
حكم التعامل بالأسهم وتداولها هو موضوع متفق عليه بين علماء الشريعة الإسلامية، كما ذكر الشيخ الدكتور خالد المصلح في برنامج “يستفتونك”. وفقا لرأيه، لا حرج في التعامل بالأسهم إذا كانت الأسهم متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ويكون ذلك بتحقق شرطين أساسيينوهما :
- أن يكون نشاط الشركة مباحًا: أي أن تكون الشركة تعمل في نشاط مشروع ومفيد للمجتمع، مثل التجارة في الأراضي، الملابس، السيارات، أو أي نشاط يتفق مع القيم الإسلامية.
- أن لا تكون معاملات الشركة ربوية: أي أن الشركة لا تتعامل بالربا سواء من خلال حصولها على قروض ربوية أو من خلال معاملاتها المالية.
إذا كانت الشركة تحقق هذين الشرطين، فإن التعامل بالأسهم يعتبر حلالا. أما إذا كان أحد الشرطين غير متحقق، مثل أن تعمل الشركة في نشاط غير مباح أو تتعامل بالربا، فإن التعامل بالأسهم في هذه الحالة يكون محرما.
هذا الرأي متفق عليه بين معظم علماء المسلمين المعاصرين، حيث يشددون على أن الأصل في المعاملات هو الإباحة، وأن الأصل في البيع والشراء هو الإباحة ما لم يطرأ عليها ما يتعارض مع قيم ومبادئ الشريعة الإسلامية.
الاسئلة المتكررة
تطهير السهم يعني إخراج النسبة المحرمة من أرباحه أو قيمته لضمان توافقه مع الشريعة الإسلامية و يحدث ذلك عندما تحتوي الأسهم على جزء من نشاط أو معاملات مالية محرمة، مثل الربا حيث يتم التطهير عبر حساب النسبة المحرمة ثم إخراجها كصدقة أو توزيعها على أعمال خيرية، لضمان أن تكون الأرباح أو قيمة الأسهم حلالا بالكامل.
نعم، تطهير الأسهم المختلطة هو أمر حلال، حيث يتم إخراج النسبة المحرمة أو التي شابها شيء من الحرام، مما يجعل أرباح الأسهم جميعها حلالًا.
يمكن معرفة ما إذا كان السهم حلالًا إذا تحقق فيه شرطان أساسيان اتفق عليهما علماء الإسلام: أولاً، أن يكون نشاط الشركة غير محرم، مثل العمل في العقارات و تجارة الأراضي و السيارات أو الملابس. ثانيًا، أن تكون الشركة خالية من التعاملات الربوية. و إذا خالفت الشركة هذين الشرطين، فإن السهم يعتبر محرمًا.